الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
جَمْعُ جِنَايَةٍ (وَهِيَ) لُغَةً: التَّعَدِّي عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. وَشَرْعًا (التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ) يُوجِبُ (مَالًا) وَتُسَمَّى الْجِنَايَةُ عَلَى الْمَالِ غَصْبًا وَسَرِقَةً وَخِيَانَةً وَإِتْلَافًا وَنَهْبًا. وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ...} الْآيَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا " {لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ} " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَمَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَسَقَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ، وَتَوْبَتُهُ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُسْتَحِلًّا، وَلَمْ يَتُبْ أَوْ أَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُ إنْ جَازَاهُ اللَّهُ، وَلَهُ الْعَفْوُ إنْ شَاءَ، وَالْأَخْبَارُ لَا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ بَلْ التَّخْصِيصُ وَالتَّأْوِيلُ (وَالْقَتْلُ) أَيْ فِعْلُ مَا تُزْهَقُ بِهِ النَّفْسُ أَيْ تُفَارِقُ الرُّوحُ الْبَدَنَ (ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ) أَيْ أَصْنَافٍ. أَحَدُهَا (عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ) فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ. وَالْقَوَدُ قَتْلُ الْقَاتِلِ بِمَنْ قَتَلَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوَدِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَادُ إلَى الْقَتْلِ بِمَنْ قَتَلَهُ. (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (شِبْهُ عَمْدٍ) وَيُقَالُ خَطَأُ الْعَمْدِ وَعَمْدُ الْخَطَأِ (وَ) الضَّرْبُ الثَّالِثُ (خَطَأٌ) وَهَذَا تَقْسِيمُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَيَدُلُّ لِثُبُوتِ شِبْهِ الْعَمْدِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَزَادَ الْمُوَفَّقُ فِي. الْمُقْنِعِ مَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ كَانْقِلَابِ نَائِمٍ عَلَى شَخْصٍ فَيَقْتُلُهُ، وَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَحْوِهِ تَعَدِّيًا فَيَمُوتُ بِهِ أَحَدٌ وَهَذِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْ قِسْمِ الْخَطَأِ. (فَالْعَمْدُ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (أَنْ يَقْصِدَ) الْجَانِي (مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فَيَقْتُلَهُ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) مَحْدُودًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَلَا قِصَاصَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ أَوْ قَصَدَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَلَهُ) أَيْ الْعَمْدِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (تِسْعُ صُوَرٍ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدُهَا أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكِّينٍ) وَحَرْبَةٍ وَسَيْفٍ (وَمِسَلَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ (أَيْ الْحَدِيدِ) كَشَوْكَةٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَعَظْمٍ، وَكَذَا نُحَاسٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنَحْوُهُ فَإِذَا جَرَحَهُ فَمَاتَ بِهِ فَعَمْدٌ (وَلَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ) فَمَاتَ وَلَوْ طَالَتْ عِلَّتُهُ مِنْهُ، وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ (أَوْ) كَانَ الْجُرْحُ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) كَطَرَفٍ. فَالْمُحَدَّدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ بِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ شَحْمَةَ أُذُنِهِ أَوْ أُنْمُلَتِهِ فَمَاتَ وَرَبْطًا لِلْحُكْمِ بِكَوْنِهِ مُحَدَّدًا لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ أَيْ الْمَحْدُودِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْحُكْمِ فِي آحَادِ صُوَرِ الْمَظِنَّةِ، بَلْ يَكْفِي احْتِمَالُ الْحِكْمَةِ (أَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (بِ) شَيْءٍ (صَغِيرٍ كَغُرْزَةٍ لِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا) كَشَوْكَةٍ صَغِيرَةٍ (فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ) أَيْ الْقَلْبِ. (وَ) كَ (الْخُصْيَتَيْنِ أَوْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْمَقْتَلِ (كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ يَصِيرُ ضَمِنًا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ مُتَأَلِّمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ. (وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ) عَلَى الْمُدَاوَاةِ (جُرْحَهُ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَالِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِفِعْلِ الْجَانِي (وَمَنْ قَطَعَ) سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ (أَوْ بَطَّ) أَيْ شَرَطَ (سِلْعَةً) بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ غُدَّةٌ تَظْهَرُ بَيْنَ الْجِلْدِ. وَاللَّحْمِ إذَا غُمِزَتْ بِالْيَدِ تَحَرَّكَتْ (خَطِرَةً) لِيَخْرُجَ مَا فِيهَا مِنْ مَادَّةٍ (مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ) مِنْهُ (فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِتَعَدِّيهِ بِجُرْحِهِ بِلَا إذْنِهِ. وَ(لَا) قَوَدَ إنْ قَطَعَهَا أَوْ بَطَّهَا (وَلِيٌّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ)؛ لِأَنَّ لَهُ فِعْلَ ذَلِكَ أَيًّا كَانَ أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا كَمَا لَوْ خَتَنَهُ فَمَاتَ. الصُّورَةُ (الثَّانِيَةُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثَقَّلٍ) كَبِيرٍ (فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا) بِمُثَقَّلٍ (كَهُوَ) أَيْ كَعَمُودِ الْفُسْطَاطِ نَصًّا (وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارَتَهَا بِعَمُودٍ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا}، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِهِ لَيْسَ بِعَمْدٍ (أَوْ) يَضْرِبَهُ (بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) لِثِقَلِهِ (مِنْ كُوذَيْنِ، وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ، وَ) مِنْ (لُتَّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ مَعْرُوفٌ (وَسَنْدَانِ) حَدَّادٍ (وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ) كَانَ الضَّرْبُ بِذَلِكَ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) فَيَمُوتَ فَيُقَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَيَتَنَاوَلُهُ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} وَقَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ {أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُثَقَّلَ الْكَبِيرَ يَقْتُلُ غَالِبًا أَشْبَهَ الْمُحَدَّدَ وَأَمَّا حَدِيثُ {أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ عَمْدِ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ} فَالْمُرَادُ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْعَصَا وَالسَّوْطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُشْبِهُهُمَا (أَوْ) يَضْرِبَهُ (فِي مَقْتَلٍ) بِمُثَقَّلٍ دُونَ مَا تَقَدَّمَ (أَوْ) يَضْرِبَهُ فِي (حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَإِعْيَاءٍ (بِدُونِ ذَلِكَ) كَحَجَرٍ صَغِيرٍ فَيَمُوتَ (أَوْ يُعِيدَهُ) أَيْ الضَّرْبَ (بِهِ) أَيْ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْعَصَا. وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَمُوتَ. (أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا أَوْ نَحْوَهُمَا) مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَيَمُوتَ (أَوْ يُلْقِيَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتَ) فَفِيهِ كُلِّهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ قَالَ) جَانٍ (لَمْ أَقْصِدْ) بِذَلِكَ (قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ)؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرٍ. الصُّورَةُ (الثَّالِثَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ) بِضَمِّ الزَّايِ أَيْ حَفِيرَتِهِ (وَنَحْوِهَا) كَزُبْيَةِ ذِئْبٍ أَوْ نَمِرٍ فَيَقْتُلَهُ، (أَوْ) يُلْقِيَهُ (مَكْتُوفًا بُغْضًا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْأَسَدِ وَنَحْوَهُ فَيَقْتُلَهُ) (أَوْ) يُلْقِيَهُ (فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ) فَتَقْتُلَهُ (أَوْ يَنْهَشُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (كَلْبًا أَوْ حَيَّةً) مِنْ الْقَوَاتِلِ (أَوْ يُلْسِعَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (عَقْرَبًا مِنْ) الْعَقَارِبِ (الْقَوَاتِلِ غَالِبًا) فَيَمُوتَ (فَيُقْتَلَ بِهِ)؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا وَالسَّبُعُ وَنَحْوُهُ كَالْآلَةِ لِلْآدَمِيِّ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ فِعْلًا يَقْتُلُ مِثْلَهُ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ وَكَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَثُعْبَانِ الْحِجَازِ وَسَبُعٍ صَغِيرٍ أَوْ كَتَّفَهُ وَأَلْقَاهُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ أَلْقَاهُ مَشْدُودًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ وُصُولَ الْمَاءِ بِزِيَادَتِهِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَمَاتَ. بِهِ الصُّورَةُ (الرَّابِعَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغْرِقُهُ أَوْ) فِي (نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا) لِكَثْرَتِهِمَا أَوْ عَجْزِهِ عَنْهُ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ مَرْبُوطًا أَوْ لِإِلْقَائِهِ فِي حَفِيرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى صُعُودٍ مِنْهَا (فَيَمُوتَ) فَيُقْتَلَ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا إنْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ وَأَوْقَدَ فِيهِ نَارًا وَسَدَّ مَنَافِذَهُ حَتَّى اشْتَدَّ الدُّخَانُ وَضَاقَ بِهِ النَّفَسُ أَوْ دَفَنَهُ حَيًّا أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ ذَاتِ نَفْسٍ عَالِمًا بِذَلِكَ فَمَاتَ فَعَمْدٌ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) التَّخَلُّصُ (فِيهِمَا) أَيْ مَسْأَلَتَيْ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ (فَ) هُوَ (هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ لِمَوْتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ لُبْثُهُ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَإِنَّمَا تُعْلَمُ قُدْرَتُهُ عَلَى التَّخَلُّصِ بِقَوْلِهِ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى التَّخَلُّصِ وَنَحْوِهِ. الصُّورَةُ (الْخَامِسَةُ أَنْ يَخْنُقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَيَمُوتَ فَيُقْتَلَ بِهِ سَوَاءٌ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ خِرَاطَةً ثُمَّ عَلَّقَهُ فِي شَيْءٍ عَنْ الْأَرْضِ فَيُخْنَقُ فَيَمُوتُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ كَمَا يُفْعَلُ بِنَحْوِ اللُّصُوصِ أَوْ خَنَقَهُ بِيَدَيْهِ أَوْ نَحْوِ حَبْلٍ وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ بِسَدِّ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ) زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً فَيَمُوتُ (أَوْ يَعْصِرَ خُصْيَتَيْهِ زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا فَيَمُوتَ) فَيُقْتَلَ بِهِ لِمَا سَبَقَ فَإِنْ مَاتَ فِي زَمَنٍ لَا يَمُوتُ الْإِنْسَانُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فِي الْغَايَةِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ الْمَوْتُ مِنْهُ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا؛ لِأَنَّهُ كَلَمْسَةٍ. الصُّورَةُ (السَّادِسَةُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَمْنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَيَمُوتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا لِزَمَنٍ يَمُوتُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا) فَيُقَادَ بِهِ (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالزَّمَنِ الْحَالِّ فَفِي شِدَّةِ الْحَرِّ إذَا عَطَّشَهُ يَمُوتُ فِي الزَّمَنِ الْقَلِيلِ بِخِلَافِ زَمَنِ الْبَرْدِ أَوْ الِاعْتِدَالِ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ الدِّفَاءَ فِي الشِّتَاءِ وَلَيَالِيِهِ الْبَارِدَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (وَإِلَّا) يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ (فَلَا) قَوَدَ وَلَا (دِيَةَ كَتَرْكِهِ سَدَّ فَصْدِهِ) لِحُصُولِ مَوْتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَتَسَبُّبِهِ فِيهِ. الصُّورَةُ (السَّابِعَةُ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا) يَقْتُلُ غَالِبًا (لَا يَعْلَمُ بِهِ) شَارِبُهُ (أَوْ يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ أَوْ يُطْعِمَهُ) لِمَنْ لَا يَعْلَمُ بِهِ (أَوْ) يَخْلِطَهُ (بِطَعَامِ آكِلٍ فَيَأْكُلَهُ جَهْلًا) بِهِ (فَيَمُوتَ) فَيُقَادَ بِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُحَدَّدٍ (فَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ السُّمِّ (آكِلٌ مُكَلَّفٌ) فَهَدَرٌ (أَوْ خَلَطَهُ) شَخْصٌ (بِطَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ فَ) هُوَ (هَدَرٌ)؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ. الصُّورَةُ (الثَّامِنَةُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا) فَيُقْتَلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ يُقْتَلُ حَدًّا وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي تَرِكَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ فَإِنْ كَانَ السُّمُّ أَوْ السِّحْرُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ وَيَأْتِي فِي التَّعْزِيرِ حُكْمُ الْمِعْيَانِ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَهُوَ الْقَاتِلُ فِي الْحَالِ (وَمَتَى ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ) بِ (سِحْرٍ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ) أَيْ السُّمَّ أَوْ السِّحْرَ (قَاتِلٌ) لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ مَا يَقْتُلُ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَحَهُ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْجُرْحَ يَقْتُلُهُ (أَوْ) ادَّعَى قَاتِلٌ بِسِحْرٍ أَوْ سُمٍّ (جَهْلَ مَرَضٍ) يَقْتُلُ مَعَهُ السِّحْرُ أَوْ السُّمُّ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فِي الصِّحَّةِ وَكَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ وَادَّعَى الضَّارِبُ جَهْلَ مَرَضٍ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ. الصُّورَةُ (التَّاسِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ رِدَّةٍ حَيْثُ امْتَنَعَتْ تَوْبَتُهُ) كَأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (أَوْ) يَشْهَدَ (أَرْبَعَةٌ بِزِنَا مُحْصَنٍ فَيُقْتَلَ) بِشَهَادَتِهِمْ (ثُمَّ تَرْجِعَ الْبَيِّنَةُ وَتَقُولَ: عَمَدْتُ قَتْلَهُ أَوْ يَقُولَ الْحَاكِمُ) عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا أَوْ كَذِبَهُمْ وَعَمَدْت قَتْلَهُ (أَوْ) يَقُولَ (الْوَلِيُّ عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ فَيُقَادَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَشِبْهِهِ بِشَرْطِهِ) لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُ أَيْدِيَكُمَا وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ يَدِهِ وَلِتَسَبُّبِهِمَا فِي قَتْلِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا. (وَلَا قَوَدَ عَلَى بَيِّنَةٍ وَلَا) عَلَى (حَاكِمٍ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ) عَالِمٍ بِالْحَالِ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَغَيْرُهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُبَاشَرَةُ تُبْطِلُ حُكْمَ التَّسَبُّبِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ. (وَيَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ بَلْ وَكَّلَ (مُبَاشِرٌ عَالِمٌ) أَقَرَّ بِالْعِلْمِ وَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ ظُلْمًا لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ عَمْدًا ظُلْمًا بِلَا إكْرَاهٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ (فَوَلِيٌّ) أَقَرَّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَفَسَادِ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ وَتَعَمُّدِ الْقَتْلِ ظُلْمًا لِمَا سَبَقَ فَإِنْ جَهِلَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ (فَبَيِّنَةٌ وَحَاكِمٌ) عَلِمَ كَذِبَهُمَا لِتَسَبُّبِ الْجَمِيعِ فِي الْقَتْلِ ظُلْمًا حَيْثُ عَلِمُوا ذَلِكَ (وَمَتَى لَزِمَتْ حَاكِمًا وَبَيِّنَةً دِيَةٌ) كَأَنْ عَفَا الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ (فَ) هِيَ (عَلَى عَدَدِهِمْ) لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّسَبُّبِ. (وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ) شُهُودٍ (ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ عَمَدْنَا قَتْلَهُ وَ) قَالَ (آخَرُ) مِنْهُمْ (أَخْطَأْنَا فَلَا قَوَدَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِدُونِهِ (وَعَلَى مَنْ قَالَ) مِنْهُمْ (عَمَدْنَا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَ) عَلَى (الْآخَرِ) حِصَّتُهُ (مِنْ) الدِّيَةِ (الْمُخَفَّفَةِ)؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى إقْرَارِهِ. (وَ) إنْ قَالَ (وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ عَمَدْتُ وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْتُ لَزِمَ مُقِرًّا بِعَمْدٍ الْقَوَدُ وَالْآخَرُ نِصْفُ الدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْ الِاثْنَيْنِ (عَمَدْتُ وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ) لِاعْتِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ. (وَلَوْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ) وَحْدَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ وَالْبَيِّنَةُ مَعًا كَمُشْتَرِكٍ. (وَمَنْ جَعَلَ فِي حَلْقٍ مِنْ) أَيْ إنْسَانٌ (تَحْتَهُ حَجَرٌ أَوْ نَحْوُهُ خِرَاطَةً) أَيْ حَبْلًا وَنَحْوَهُ مَعْقُودًا بِصِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ (وَشَدَّهَا) أَيْ الْخِرَاطَةَ (بِ) شَيْءٍ (عَالٍ ثُمَّ أَزَالَ مَا تَحْتَهُ) مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ شَخْصٌ (آخَرُ) غَيْرَ الَّذِي جَعَلَ الْخِرَاطَةَ فِي حَلْقِهِ (عَمْدًا) أَيْ مُتَعَمِّدًا إزَالَتَهُ مِنْ تَحْتِهِ (فَمَاتَ فَإِنْ جَهِلَهَا) أَيْ الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ (مُزِيلٌ وَأَدَّاهُ) أَيْ أَدَّى دِيَةَ الْقَتِيلِ (مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ وَأَزَالَ مَا تَحْتَهُ (قُتِلَ بِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَى جَاعِلِ الْخِرَاطَةِ كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ وَإِنْ شَدَّ قِرْبَةً مَنْفُوخَةً وَنَحْوَهَا عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَخَرَقَهَا آخَرُ فَغَرِقَ فَالْقَاتِلُ الثَّانِي.
وَشِبْهُ الْعَمْدِ الْمُسَمَّى بِخَطَأِ الْعَمْدِ وَعَمْدِ الْخَطَأِ (أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (كَمَنْ ضَرَبَ) شَخْصًا (بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ) إلَّا أَنْ يَصْغُرَ جِدًّا كَقَلَمٍ وَأُصْبُعٍ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ يَمَسَّهُ بِالْكَبِيرِ بِلَا ضَرْبٍ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ (أَوْ لَكَزَ) غَيْرَهُ بِيَدِهِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ (أَوْ لَكَمَ غَيْرَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ عَلَى نَحْوِهِ سَطْحٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ) أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ (فَفِيهِ) أَيْ فِي الْقَتْلِ بِكُلٍّ مِنْ تِلْكَ (الْكَفَّارَةُ فِي مَالِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وَالْخَطَأُ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ. (وَ) فِيهِ (الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " {اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا} " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ صَاحَ بِمُكَلَّفٍ لَمْ يَغْتَفِلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَاتَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ.
وَالْخَطَأُ ضَرْبَانِ ضَرْبٌ مِنْهُمَا فِي الْقَصْدِ، وَهُوَ أَيْ الضَّرْبُ الْمَذْكُورُ (نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا) فَيَقْتُلَ إنْسَانًا (أَوْ) يَرْمِيَ مَنْ يَظُنُّهُ (مُبَاحَ الدَّمِ) كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَيَقْتُلَ مَعْصُومًا (فَيَبِينَ) مَا ظَنَّهُ صَيْدًا (آدَمِيًّا) مَعْصُومًا (أَوْ) يَبِينَ مَا ظَنَّهُ مُبَاحَ الدَّمِ (مَعْصُومًا أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ) كَقَطْعِ لَحْمٍ (فَيَقْتُلَ إنْسَانًا أَوْ يَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ يَتَعَمَّدَهُ مَجْنُونٌ)؛ لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمَا فَعَمْدُهُمَا كَخَطَأِ الْمُكَلَّفِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ اخْتِيَارًا (فَفِي مَالِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ خَطَأً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَنَحْوِهَا (الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) لِمَا سَبَقَ. (وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ حَالَ صِغَرِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الْقَوَدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ وَقَالَ: كُنْتُ مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ سَكْرَانَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ كَمَنْ قَصَدَ رَمْيَ مَعْصُومٍ أَوْ بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَةٍ فَقَتَلَ غَيْرَ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً بَلْ عَمْدًا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدِمَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ. النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ (أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ حَرْبٍ) مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا (أَوْ) يَقْتُلَ بِ (صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كَانَ مَعْذُورًا كَأَسِيرٍ أَوْ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ صَفِّهِمْ فَإِنْ وَقَفَ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ بِحَالٍ (أَوْ يَرْمِيَ وُجُوبًا كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ) رَمْيُهُمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِهِ (حَيْثُ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ نَرْمِهِمْ فَيَقْصِدَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ بِالرَّمْيِ (دُونَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (فَيَقْتُلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ بِلَا قَصْدٍ (فَفِيهِ) أَيْ هَذَا النَّوْعِ (الْكَفَّارَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الدِّيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} لَمْ يَذْكُرْ دِيَةً، وَتَرْكُ ذِكْرِهَا فِي هَذَا النَّوْعِ مَعَ ذِكْرِهَا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ. (الضَّرْبُ الثَّانِي) مِنْ ضَرْبَيْ الْخَطَأِ خَطَأٌ (فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا) مَعْصُومًا اعْتَرَضَهُ (لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ يَنْقَلِبَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ (عَلَى إنْسَانٍ فَيَمُوتَ فَ) عَلَيْهِ (الْكَفَّارَةُ) فِي مَالِهِ. (وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخَطَأِ (لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ ضَمِنَ) أَيْ الرَّامِي (الْمَقْتُولَ فِي مَالِهِ) لِمُبَايَنَتِهِ دِينَ عَاقِلَتِهِ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يُمْكِنُ ضَيَاعُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ فَوَجَبَتْ فِي مَالِ الْجَانِي (وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَدِّيًا إنْ قَصَدَ جِنَايَةً فَ) هُوَ (شِبْهُ عَمْدٍ)؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ كَالْعَمْدِ وَبِالنَّظَرِ إلَى عَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ خَطَأٌ. (وَإِلَّا) يَقْصِدْ جِنَايَةً (فَ) هُوَ (خَطَأٌ) لِعَدَمِ قَصْدِ الْجِنَايَةِ (وَإِمْسَاكُ الْحَيَّةِ مُحَرَّمٌ وَجِنَايَةٌ)؛ لِأَنَّهُ أَلْقَى بِنَفْسِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ (فَلَوْ قَتَلَتْ مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي مَشْيَخَةٍ وَنَحْوِهِ فَ) هُوَ (قَاتِلُ نَفْسِهِ وَمَعَ ظَنِّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ شِبْهَ عَمْدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بَشِمَ) بِالْكَسْرِ وَالْبَشَمُ التُّخْمَةُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ فَيَضِيعَ هَدَرًا كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ (وَمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا) بِبَيِّنَةٍ بِالْقَتْلِ لَا بِإِقْرَارِهِ (فَقَالَ شَخْصٌ أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا فَلَا قَوَدَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَعَلَى مُقِرٍّ الدِّيَةُ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ أَحْيَا نَفْسًا وَلُزُومُ الدِّيَةِ لَهُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا مِنْهُ (وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادَفَتِهِ الدَّعْوَى، وَفِي الْمُغْنِي فِي الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِي شَيْءٌ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الْأُولَى.
وَيُقْتَلُ الْعَدَدُ أَيْ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِوَاحِدٍ قَتَلُوهُ (إنْ صَلُحَ فِعْلُ كُلٍّ) مِنْهُمْ (لِلْقَتْلِ بِهِ) بِأَنْ كَانَ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَوْ انْفَرَدَ لَوَجَبَ بِهِ الْقِصَاصُ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا، وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَتَلَ ثَلَاثَةً قَتَلُوا رَجُلًا، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَتَلَ جَمَاعَةً قَتَلُوا وَاحِدًا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ لِلْقَتْلِ عُقُوبَةً تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَوَجَبَتْ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَيُفَارِقُ الدِّيَةَ فَإِنَّهَا تَتَبَعَّضُ وَالْقِصَاصُ لَا يَتَبَعَّضُ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْبَعْضِ وَيَعْفُوَ عَنْ الْبَعْضِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِلَّا) يَصْلُحْ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ لِلْقَتْلِ بِهِ. (وَلَا تَوَاطُؤَ) أَيْ تَوَافُقَ عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ ضَرَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَجَرٍ صَغِيرٍ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَكُونُوا اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ (فَلَا) قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَا يُوجِبُهُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ تَوَاطَئُوا عَلَيْهِ قُتِلُوا بِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّسَارُعِ إلَى الْقَتْلِ بِهِ وَتَفُوتَ حِكْمَةُ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْقَتْلِ (وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِمْ (مَعَ عَفْوٍ) عَنْ قَوَدٍ (أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ)؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ وَاحِدٌ فَلَا يَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهِ كَمَا لَوْ قَتَلُوا خَطَأً. (وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ) شَخْصًا (جُرْحًا وَ) جَرَحَهُ (آخَرُ مِائَةً) وَمَاتَ أَوْ أَوْضَحَهُ أَحَدُهُمَا وَشَجَّهُ الْآخَرُ أَوْ أَمَّهُ أَوْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا، وَأَجَافَهُ الْآخَرُ (فَ) هُمَا (سَوَاءٌ) فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ لِصَلَاحِيَةِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْقَتْلِ لَوْ انْفَرَدَ وَزُهُوقُ نَفْسِهِ حَصَلَ بِفِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالزُّهُوقُ لَا يَتَبَعَّضُ لِيُقْسَمَ عَلَى الْفِعْلِ. (وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ) يَدَ شَخْصٍ (مِنْ كُوعٍ ثُمَّ) قَطَعَهُ (آخَرُ مِنْ مِرْفَقٍ) وَمَاتَ (فَإِنْ كَانَ قَدْ بَرِئَ) الْقَطْعُ (الْأَوَّلُ) قَبْلَ قَطْعِ الثَّانِي (فَإِنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي) وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَلِوَلِيِّهِ قَطْعُ يَدِ الْأَوَّلِ أَوْ دِيَتِهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ بَعْدَ بُرْءِ الْأَوَّلِ بَلْ قَبْلَهُ (فَهُمَا) قَاتِلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا قَطْعَانِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَحَدِهِمَا لَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِهِ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانَا فِي يَدَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْدَمَلَ الْأَوَّلُ لِزَوَالِ أَلَمِهِ. (وَإِنْ فَعَلَ وَاحِدٌ مَا) أَيْ فِعْلًا (لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ) عَادَةً (كَقَطْعِ حِشْوَتِهِ) أَيْ إبَانَةِ أَمْعَائِهِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا (أَوْ) قَطْعِ (مَرِيئِهِ) أَيْ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (أَوْ) قَطْعِ (وَدَجَيْهِ) أَيْ الْعِرْقَيْنِ فِي جَانِبَيْ الْعُنُقِ (ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ) هُوَ (الْأَوَّلُ) لِفِعْلِهِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ شَيْئًا مِنْ الزَّمَانِ (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ) لِانْتِهَاكِهِ حُرْمَتَهُ (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ) أَيْ الْمَفْعُولِ بِهِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ (لَوْ كَانَ قِنًّا) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَحْوه؛ لِأَنَّهُ كَالْمَيِّتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَصَحِيحٍ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمِنْهُ وَارِثُهُ، وَاعْتِبَارُ كَلَامِهِ فِي تَبَرُّعٍ عَايَنَ الْمِلْكَ أَوْ لَا. (وَإِنْ رَمَاهُ الْأَوَّلُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ فَتَلَقَّاهُ الثَّانِي بِمُحَدَّدٍ فَقَدَّهُ) فَهُوَ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ حَيَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إلَى حَالٍ يَيْأَسُ فِيهَا مِنْ حَيَاتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ وَاحِدٌ بِسَهْمٍ قَاتِلٍ فَقَطَعَ آخَرُ عُنُقَهُ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ صَخْرَةً فَأَطَارَ رَأْسَهُ قَبْلَ وُقُوعِهَا عَلَيْهِ (أَوْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ) أَوْ خَرَقَ أَمْعَاءَهُ أَوْ أَمَّ دِمَاغَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ الثَّانِي فَهُوَ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ الْأَوَّلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْحَيَاةِ وَتَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ (أَوْ قَطَعَ) الْأَوَّلُ (طَرَفَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ الثَّانِي فَهُوَ الْقَاتِلُ)؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ بِخِلَافِ الثَّانِي (وَعَنْ الْأَوَّلِ مُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (جِرَاحَتِهِ) أَيْ الْأَرْشِ الَّذِي تُوجِبُهُ جِرَاحَتُهُ عَلَى مَا يَأْتِي مُفَصَّلًا لِتَعَدِّيهِ بِهَا. (وَمَنْ رُمِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ) أَوْ تِمْسَاحٌ (فَابْتَلَعَهُ) أَوْ قَتَلَهُ (فَالْقَوَدُ عَلَى رَامِيهِ) مَعَ كَثْرَةِ الْمَاءِ لِإِلْقَائِهِ إيَّاهُ فِي مَهْلَكَةٍ هَلَكَ بِهَا بِلَا وَاسِطَةٍ يُمْكِنُ إحَالَةَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ بِالْغَرَقِ أَوْ هَلَكَ بِوُقُوعِهِ عَلَى صَخْرَةٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي نَارٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا (وَمَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ إنْ عَلِمَ) رَامِيَهُ (بِالْحُوتِ) أَوْ التِّمْسَاحِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِمَا سَبَقَ (وَإِلَّا) يَعْلَمْ الرَّامِي بِالْحُوتِ مَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ. فَالدِّيَةُ (أَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ غَيْرِ مُسْبِعٍ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْهُ. فَالدِّيَةُ) لِهَلَاكِهِ بِفِعْلِهِ، وَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا. (وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) فَفَعَلَ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ (أَوْ) أَكْرَهَهُ (عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (فَفَعَلَ) أَيْ أَكْرَهَ مَنْ قَتَلَهُ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (الْقَوَدُ) أَمَّا الْآمِرُ فَلِتَسَبُّبِهِ إلَى الْقَتْلِ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا، كَمَا لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً أَوْ أَسَدًا أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ. وَأَمَّا الْقَاتِلُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَسْلُوبِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِبْقَاءَ نَفْسِهِ بِقَتْلِ غَيْرِهِ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَأْثَمُ، وَلَوْ كَانَ مَسْلُوبَ الِاخْتِيَارِ لَمْ يَأْثَمْ كَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ. (وَ) قَوْلُ قَادِرٍ عَلَى مَا هَدَّدَ بِهِ غَيْرَهُ (اُقْتُلْ نَفْسَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ إكْرَاهٌ) عَلَى الْقَتْلِ فَيُقْتَلُ بِهِ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ. (وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْقَتْلِ كَمَنْ نَشَأَ بِغَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَتَلَ لَزِمَ الْآمِرُ الْقِصَاصَ أَجْنَبِيًّا كَانَ الْمَأْمُورُ أَوْ عَبْدًا لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ غَيْرَ الْعَالِمِ بِحَظْرِ الْقَتْلِ لَهُ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَهُ صَيْدًا وَلِأَنَّ حِكْمَةَ الْقِصَاصِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي مُعْتَقِدِ الْإِبَاحَةِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَجَبَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ إذَنْ آلَةٌ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَمَا لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً فَقَتَلَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ حَظْرَ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمَأْمُورِ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ وَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَانْقَطَعَ حُكْمُ الْآمِرِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ. (أَوْ) أَمَرَ بِالْقَتْلِ (صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) فَقَتَلَ لَزِمَ الْقِصَاصُ الْآمِرَ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ أَمَرَ بِهِ) أَيْ الْقَتْلِ (سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ) أَيْ الْقِتَالِ (لَزِمَ) الْقِصَاصُ (الْآمِرَ) لِعُذْرِ الْمَأْمُورِ لِوُجُوبِ طَاعَةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَقٍّ (وَإِنْ عَلِمَ) الْمَأْمُورُ (الْمُكَلَّفُ) وَلَوْ عَبْدَ الْآمِرِ (تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْقَتْلِ (لَزِمَهُ) الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي فِعْلِهِ لِحَدِيثِ " {لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ} " وَحَدِيثِ " {مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْ الْوُلَاةِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ} " وَسَوَاءٌ كَانَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (وَ) حَيْثُ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمَأْمُورِ (أُدِّبَ آمِرُهُ) بِمَا يَرْدَعُهُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ لِيَنْكَفَّ عَنْ الْعَوْدِ لَهُ. (وَمَنْ دَفَعَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (آلَةَ قَتْلٍ) كَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ (وَلَمْ يَأْمُرْهُ) الدَّافِعُ (بِهِ) أَيْ الْقَتْلِ (فَقَتَلَ) بِالْآلَةِ (لَمْ يَلْزَمْ الدَّافِعَ) لِلْآلَةِ (شَيْءٌ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُبَاشِرْهُ فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ قُتِلَ الْآمِرُ، وَتَقَدَّمَ. (وَمَنْ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِقَتْلِ قِنِّ نَفْسِهِ) فَفَعَلَ (أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَتْلِ قِنِّ نَفْسِهِ فَفَعَلَ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الْآمِرِ فِي نَظِيرِ قِنِّهِ مِنْ قِصَاصٍ وَلَا قِيمَةَ لِإِذْنِهِ فِي إتْلَافِ مَالِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَهُ فِي أَكْلِ طَعَامِهِ (وَ) مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ (اُقْتُلْنِي) فَفَعَلَ فَهَدَرٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ (اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ) نَصًّا لِإِذْنِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِإِلْقَاءِ مَتَاعِهِ فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ (كَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ) قَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي الصِّيَامِ لَا إثْمَ هُنَا وَلَا كَفَّارَةَ (وَلَوْ قَالَهُ) أَيْ اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي أَوْ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ (قِنٌّ) فَقَتَلَهُ الْمَقْتُولُ لَهُ (ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِقِيمَتِهِ)؛ لِأَنَّ إذْنَ الْقِنِّ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ لَا يَسْرِي عَلَى سَيِّدِهِ.
وَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لَا لَاعِبًا أَوْ مَازِحًا كَمَا فِي مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْإِطْلَاقُ (حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ حَتَّى قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ أَوْ فَتَحَ فَمَه حَتَّى سَقَاهُ) آخَرُ (سُمًّا) فَمَاتَ (قُتِلَ قَاتِلٌ) بِالْفِعْلِ أَوْ السُّمِّ لِقَتْلِهِ عَمْدًا مَنْ يُكَافِئُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَحُبِسَ مُمْسِكٌ حَتَّى يَمُوتَ) لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " {إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ} " وَلِأَنَّهُ حَبَسَهُ إلَى الْمَوْتِ فَيُحْبَسُ الْآخَرُ إلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنْ قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ فَقَالَ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَنَاقَشَ فِيهِ الْمَجْدُ وَصَحَّحَ سُقُوطَهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ. (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ هَارِبٍ مِنْ قَتْلٍ فَحُبِسَ حَتَّى أَدْرَكَهُ قَاتِلُهُ) فَقَتَلَهُ (أُقِيدَ مِنْهُ فِي طَرَفٍ) أَيْ قَاطِعِ الطَّرَفِ فِيهِ سَوَاءٌ حَبَسَهُ لِيَقْتُلَهُ الْآخَرُ أَوْ لَا (وَهُوَ) أَيْ قَاطِعُ الطَّرَفِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكِ) إنْسَانٍ لِآخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ حَبَسَهُ لِلْقَتْلِ فَكَأَنَّهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ حَبْسَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ فَقَطْ كَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ بِخِلَافِ الْجَارِحِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْمَوْتِ لِمَوْتِهِ مِنْ سِرَايَةِ الْجُرْحِ وَأَثَرِهِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْجُرْحِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ دُونَ قَصْدِ الْأَثَرِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِمْسَاكِ فَالْمَوْتُ فِيهَا بِأَمْرٍ غَيْرِ السِّرَايَةِ وَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ أَمْسَكَهُ أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِهِ. (وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ) الْمُشَارِكُ (لَوْ انْفَرَدَ) بِالْقَتْلِ (كَحُرٍّ وَقِنٍّ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ قِنٍّ وَ) كَ (أَبٍ) وَأَجْنَبِيٍّ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ (أَوْ وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ وَأَجْنَبِيٍّ) لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقِصَاصِ فِي قَتْلِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ (وَكَخَاطِئٍ وَعَامِدٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (وَ) كَ (مُكَلَّفٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (أَوْ) مُكَلَّفٍ. (وَسَبُعٍ أَوْ) مُكَلَّفٍ وَمَقْتُولٍ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ نَفْسِهِ (فَالْقَوَدُ عَلَى الْقِنِّ) شَرِيكِ الْحُرِّ، وَمِثْلُهُ ذِمِّيٌّ اشْتَرَكَ مَعَ مُسْلِمٍ فِي قَتْلِ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ عَنْ الْحُرِّ أَوْ الْمُسْلِمِ لِعَدَمِ مُكَافَأَةِ الْمَقْتُولِ لَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَعَدَّى إلَى فِعْلِ شَرِيكِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْهُ (وَ) الْقَوَدُ أَيْضًا (عَلَى شَرِيكِ أَبٍ) فِي قَتْلِ وَلَدِهِ لِمُشَارَكَتِهِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِيمَنْ يُقْتَلُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ الْمَحَلَّ لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ فَلَا يُمْنَعُ عَمَلُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَا مَانِعَ فِيهِ، وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَوْا (كَ) مَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى (مُكْرِهٍ أَبًا) أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً (عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ دُونَ الْأَبِ وَنَحْوِهِ (وَعَلَى) حُرٍّ (شَرِيكِ قِنٍّ) فِي قَتْلِ قِنٍّ (نِصْفُ قِيمَةِ) الْقِنِّ (الْمَقْتُولِ) لِمُشَارَكَتِهِ فِي إتْلَافِهِ فَلَزِمَهُ بِقِسْطِهِ (وَعَلَى شَرِيكِ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْقِنِّ (فِي قَتْلِ حُرٍّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي) قَتْلِ (قِنٍّ نِصْفُ قِيمَتِهِ) كَالشَّرِيكِ فِي إتْلَافِ مَالِهِ. (وَمَنْ جُرِحَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَمْدًا فَدَاوَاهُ) أَيْ دَاوَى الْمَجْرُوحُ جُرْحَهُ (بِسُمٍّ) قَاتِلٍ فِي الْحَالِ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ جُرِحَ فَذَبَحَ نَفْسَهُ (أَوْ) جُرِحَ فَ (خَاطَهُ) أَيْ الْجُرْحَ (فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ) فَمَاتَ فَكَذَلِكَ (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ) أَيْ دَاوَاهُ بِسُمٍّ قَاتِلٍ أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ (أَوْ) فَعَلَ ذَلِكَ (الْحَاكِمُ فَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا اسْتَوْفَى) أَيْ اسْتَوْفَاهُ وَلِيُّهُ مِنْ جَارِحِهِ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِهِ (وَإِلَّا) يُوجِبْ الْجُرْحُ قِصَاصَهُ (أَخَذَ) الْوَارِثُ (أَرْشَهُ) إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ.
شُرُوطِ وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) أَيْ الْقَوَدِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) بِالِاسْتِقْرَاءِ: (أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ قَاتِلٍ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا قَاصِدًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ مُغَلَّظَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ، لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ قَصْدٌ صَحِيحٌ كَقَاتِلٍ خَطَأً. وَإِنْ قَالَ جَانٍ: كُنْتُ حِينَ الْجِنَايَةِ صَغِيرًا، أَوْ قَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَلْ مُكَلَّفًا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّغِيرِ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَا بَيِّنَةَ. (ثَانِيهَا) أَيْ الشُّرُوطِ: (عِصْمَةُ مَقْتُولٍ وَلَوْ) كَانَ (مُسْتَحَقًّا دَمُهُ بِقَتْلٍ لِغَيْرِ قَاتِلِهِ) لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ فِيهِ يُبِيحُ دَمَهُ لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهِ (فَالْقَاتِلُ لِحَرْبِيٍّ) لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ (أَوْ) الْقَاتِلُ لِ (مُرْتَدٍّ قَبْلَ تَوْبَةٍ إنْ قُبِلَتْ) تَوْبَتُهُ (ظَاهِرًا) لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ لَهُ بَعْدَ تَوْبَتِهِ الْمَقْبُولَةِ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (أَوْ) الْقَاتِلُ (لِزَانٍ مُحْصَنٍ، وَلَوْ قَبْلِ تَوْبَتِهِ) أَيْ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ (عِنْدَ حَاكِمٍ) إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ زَنَى مُحْصَنًا بَعْدَ قَتْلِهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الَّتِي أَبَاحَتْ دَمَهُ قَبْلَ الثُّبُوتِ وَبَعْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ (لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاتِلَ (مِثْلُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ فِي عَدَمِ الْعِصْمَةِ بِأَنْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدٌّ مُرْتَدًّا أَوْ زَانٍ مُحْصَنٌ زَانِيًا مُحْصَنًا، أَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ حَرْبِيًّا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَعَكْسُهُ. (وَيُعَزَّرُ) قَاتِلُ غَيْرِ مَعْصُومٍ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُرْتَدٍّ) فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ (أَوْ) قَطَعَ طَرَفَ (حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ) فَهَدَرٌ (أَوْ رَمَاهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ أَوْ الْحَرْبِيَّ (فَأَسْلَمَ) بَعْدَ رَمْيِهِ (ثُمَّ وَقَعَ بِهِ الْمَرْمِيُّ؟) بَعْدَ إسْلَامِهِ (فَمَاتَ فَهَدَرٌ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْ الْجَانِي بَعْدَ إسْلَامِهِ فِعْلٌ، وَإِنَّمَا الْمَوْتُ أَثَرُ فِعْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَكَذَا أَثَرُهُ. (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفًا أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ طَرَفٍ (مِنْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ) مُرْتَدًّا (فَلَا قَوَدَ) فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا نَفْسُ مُرْتَدٍّ، وَلَا فِي الطَّرَفِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لَوْ صَارَ قَتْلًا لَمْ يَجِبْ بِهِ قَتْلٌ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ مِنْ غَيْرِ مِفْصَلٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ) دِيَةِ (مَا قُطِعَ) مِنْ طَرَفٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ فَمَعَ الرِّدَّةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ قَطْعٌ صَارَ قَتْلًا فَلَا يُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ (فَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ مَا وَجَبَ بِذَلِكَ (الْإِمَامُ)؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَاسْتِيفَاؤُهُ لِلْإِمَامِ. (وَإِنْ عَادَ) مُرْتَدٌّ بَعْدَ جُرْحٍ (لِلْإِسْلَامِ. وَلَوْ) كَانَ عَوْدُهُ إلَيْهِ (بَعْدَ زَمَنٍ تَسْرِي فِيهِ الْجِنَايَةُ) وَمَاتَ مُسْلِمًا (فَكَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ) فَعَلَى قَاتِلِهِ الْقَوَدُ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حَالَ الْجِنَايَةِ وَالْمَوْتِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ، وَاحْتِمَالُ السِّرَايَةِ حَالَ الرِّدَّةِ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ السَّبَبِ الْمَعْلُومِ بِاحْتِمَالِ الْمَانِعِ وَإِنْ عَفَا وَلِيُّهُ إلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ كَامِلَةً، وإنْ كَانَ الْجُرْحُ خَطَأً وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ نَفْسًا مَعْصُومَةً، وَإِنْ جَرَحَهُ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ أَوْ عَكْسُهُ، ثُمَّ. جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرُ وَمَاتَ مِنْهُمَا فَلَا قِصَاصَ وَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ تَسَاوَى الْجُرْحَانِ أَوْ لَا وَإِنْ جَرَحَهُ ذِمِّيًّا فَصَارَ حَرْبِيًّا وَمَاتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: مُكَافَأَةُ مَقْتُولٍ لِقَاتِلٍ (حَالَ جِنَايَةٍ)؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْعِقَادِ السَّبَبِ وَالْمُكَافَأَةُ (بِأَنْ لَا يَفْضُلَهُ) أَيْ الْمَقْتُولَ (قَاتِلُهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ) يَفْضُلَهُ بِ (حُرِّيَّةٍ أَوْ) يَفْضُلَهُ بِ (مِلْكٍ فَيُقْتَلُ مُسْلِمٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ) بِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ وَلَوْ مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ مَعْدُومَ الْحَوَاسِّ، وَالْقَاتِلُ صَحِيحٌ سَوِيَّ الْخَلْقِ كَعَكْسِهِ، وَكَذَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهَا. (وَ) يُقْتَلُ (ذِمِّيٌّ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ بِمِثْلِهِ (وَ) يُقْتَلُ (مُسْتَأْمَنٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ بِمِثْلِهِ) لِلْمُسَاوَاةِ. (وَ) يُقْتَلُ (كِتَابِيٌّ بِمَجُوسِيٍّ. وَ) يُقْتَلُ (ذِمِّيٌّ بِمُسْتَأْمَنٍ وَعَكْسُهُمَا) أَيْ يُقْتَلُ الْمَجُوسِيُّ بِالْكِتَابِيِّ، وَالْمُسْتَأْمَنُ بِالذِّمِّيِّ. (وَ) يُقْتَلُ كَافِرٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ جَنَى، (ثُمَّ أَسْلَمَ بِمُسْلِمٍ) لِلْمُكَافَأَةِ (وَ) يُقْتَلُ (مُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ) لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي الْكُفْرِ. (وَلَوْ تَابَ) الْمُرْتَدُّ (وَقُبِلَتْ) تَوْبَتُهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ لَا عَكْسُهُ (وَلَيْسَتْ) تَوْبَةُ مُرْتَدٍّ (بَعْدَ جَرْحِهِ) ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا وَقَبْلَ مَوْتِهِ مَانِعَةً مِنْ قَوَدٍ (أَوْ) وَلَيْسَتْ تَوْبَةُ مُرْتَدٍّ رَمَى ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا (بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ مَانِعَةً مِنْ قَوَدٍ) فَيُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِهِمَا اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ. (وَ) يُقْتَلُ (قِنٌّ بِحُرٍّ وَبِقِنٍّ وَلَوْ) كَانَ الْقِنُّ الْمَقْتُولُ (أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ) أَيْ الْقِنِّ الْقَاتِلِ لَهُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي النَّفْسِ وَالرِّقِّ وَلِأَنَّ زِيَادَةَ قِيمَةِ الْعَبْدِ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ الصِّفَاتِ النَّفِيسَةِ فِي الْعَبْدِ، وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي الْحُرِّ، فَإِنَّ الْجَمِيلَ يُؤْخَذُ بِالذَّمِيمِ وَالْعَالِمَ بِالْجَاهِلِ. فَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي الْحُرِّ فَالْعَبْدُ. أَوْلَى (وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا مُكَاتَبًا) أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِلتَّسَاوِي فِي النَّفْسِ وَالرِّقِّ (أَوْ) أَيْ وَلَا أَثَرَ (لِكَوْنِهِمَا) أَيْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ الرَّقِيقَيْنِ (لِ) مَالِكٍ (وَاحِدٍ) أَوْ لِأَكْثَرَ (أَوْ كَوْنِ) رَقِيقٍ (مَقْتُولٍ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ) أَوْ لِمُسْلِمٍ لِوُجُودِ التَّسَاوِي بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ. (وَ) يُقْتَلُ (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ بِمِثْلِهِ وَبِأَكْثَرَ حُرِّيَّةً) مِنْهُ بِأَنْ قَتَلَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ مَنْ ثُلُثَاهُ كَذَلِكَ لَا بِأَقَلَّ حُرِّيَّةً مِنْهُ. (وَ) يُقْتَلُ (مُكَلَّفٌ بِغَيْرِ مُكَلَّفٍ) لِلتَّسَاوِي فِي النَّفْسِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ. (وَ) يُقْتَلُ (ذَكَرٌ بِأُنْثَى وَبِخُنْثَى) وَلَا يُعْطَى لِلذَّكَرِ نِصْفُ دِيَةٍ إذَا قُتِلَ بِالْأُنْثَى (وَعَكْسُهُمَا) أَيْ يُقْتَلُ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى بِالذَّكَرِ لِلْمُسَاوَاةِ فِي النَّفْسِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ. و(لَا) يُقْتَلُ (مُسْلِمٌ وَلَوْ ارْتَدَّ) بَعْدَ الْقَتْلِ (بِكَافِرٍ) كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ لِحَدِيثِ " {الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ} " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَفِي لَفْظٍ " {لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ} " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد " وَعَنْ عَلِيٍّ مِنْ السُّنَّةِ: أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْعُمُومَاتُ مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ. قَالَهُ أَحْمَدُ (وَلَا) يُقْتَلُ (حُرٌّ بِقِنٍّ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ " مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ " رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " {لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ} " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ مَعَ التَّسَاوِي فِي السَّلَامَةِ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ وَالْعُمُومَاتُ مَخْصُوصَةٌ بِذَلِكَ. (وَلَا) يُقْتَلُ حُرٌّ (بِمُبَعَّضٍ)؛ لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ (وَلَا) يُقْتَلُ (مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ)؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَتِهِ أَشْبَهَ الْحُرَّ (وَلَوْ كَانَ) عَبْدًا لِمُكَاتَبٍ (ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ عَبِيدِهِ، وَيُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقِنِّ غَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ. (وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ) حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ (فَقُتِلَ لِنَقْضِهِ) الْعَهْدَ (فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْحُرِّ) إنْ كَانَ الْقَتِيلُ حُرًّا (أَوْ قِيمَةُ الْقِنِّ) إنْ كَانَ الْقَتِيلُ قِنًّا، كَمَا لَوْ قُتِلَ لِرِدَّةٍ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ إذْ لَا مُسْقِطَ لِمُوجِبِ جِنَايَتِهِ (وَإِنْ قَتَلَ) ذِمِّيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا (أَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا أَوْ) قَتَلَ أَوْ جَرَحَ (قِنٌّ قِنًّا ثُمَّ أَسْلَمَ) الذِّمِّيُّ الْقَاتِلُ أَوْ الْجَارِحُ، أَوْ عَتَقَ الْقِنُّ الْقَاتِلُ أَوْ الْجَارِحُ (وَلَوْ كَانَ) إسْلَامُهُ أَوْ عِتْقُهُ (قَبْلَ مَوْتِ مَجْرُوحٍ قُتِلَ بِهِ) نَصًّا لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ بِالْجُرْحِ فِي حَالِ تَسَاوِيهِمَا (كَمَا لَوْ جُنَّ) قَاتِلٌ أَوْ جَارِحٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ) جَرَحَ (حُرٌّ قِنًّا فَأَسْلَمَ) مَجْرُوحٌ (أَوْ عَتَقَ مَجْرُوحٌ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ) عَلَى جَارِحٍ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَارِحِ (دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الزُّهُوقِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ فَيُعْتَبَرُ الْأَرْشُ بِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْ إنْسَانٍ وَرِجْلَيْهِ فَسَرَى إلَى نَفْسِهِ، فَفِيهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَيَسْتَحِقُّ دِيَةَ مَنْ أَسْلَمَ) بَعْدَ الْجُرْحِ (وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ) لِمَوْتِهِ مُسْلِمًا (وَ) يَسْتَحِقُّ دِيَةَ (مَنْ عَتَقَ) بَعْدَ الْجُرْحِ (سَيِّدُهُ) إنْ كَانَتْ قَدْرَ قِيمَتِهِ فَأَقَلَّ (كَ) اسْتِحْقَاقِهِ لِ (قِيمَتِهِ لَوْ لَمْ يُعْتَقْ)؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ. (فَلَوْ جَاوَزَتْ دِيَةُ) مَنْ عَتَقَ بَعْدَ أَنْ جُرِحَ ثُمَّ مَاتَ (أَرْشَ جِنَايَةٍ) أَيْ قِيمَتِهِ رَقِيقًا (فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهِ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لِحُصُولِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيمَا حَصَلَ بِهَا إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقٌ مِنْ نَسَبٍ وَنِكَاحٍ (وَلَوْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ) بِأَنْ كَانَتْ عَمْدًا مِنْ مُكَافِئٍ لَهُ (فَطَلَبُهُ) أَيْ الْقَوَدُ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا فَإِنْ اقْتَصُّوا فَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ فَعَلَى مَا سَبَقَ. (وَمَنْ جَرَحَ قِنَّ نَفْسِهِ فَعَتَقَ) لِلتَّمْثِيلِ أَوْ إعْتَاقِهِ لَهُ أَوْ وُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ عَلَيْهَا (ثُمَّ مَاتَ) الْعَتِيقُ (فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ (وَعَلَيْهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْعَتِيقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الزُّهُوقِ وَيُسْقِطُ مِنْهَا قَدْرَ قِيمَتِهِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَأَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ. (وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَلَمْ تَقَعْ بِهِ الرَّمْيَةُ حَتَّى عَتَقَ) الْمَرْمِيُّ (أَوْ أَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ الرَّمْيَةِ (فَلَا قَوَدَ) عَلَى رَامِيهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ وَقْتُ صُدُورِ الْفِعْلِ مِنْ الْجَانِي (وَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْمَرْمِيِّ (عَلَى رَامٍ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) اعْتِبَارًا لِلْحَالِ بِحَالِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَحَلِّ فَتُعْتَبَرُ حَالَةُ الْمَحَلِّ الَّذِي فَاتَ بِهَا فَتَجِبُ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ جَزَاءٌ لِلْفِعْلِ فَيُعْتَبَرُ الْفِعْلُ فِيهِ وَالْإِصَابَةُ مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا طَرَفَاهُ (وَمَنْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ تَغَيُّرُ حَالِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ عَتَقَ الْقِنُّ (أَوْ) تَبَيَّنَ (خِلَافُ ظَنِّهِ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلِ أَبِيهِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لِقَتْلِهِ مَنْ يُكَافِئُهُ عَمْدًا مَحْضًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ بِحَالِهِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ كَوْنُ مَقْتُولٍ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَاتِلٍ (وَلَا بِوَلَدِ بِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ لِقَاتِلٍ فَيُقْتَلُ وَلَدٌ بِأَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ) أَيْ بِقَتْلِهِ وَاحِدًا مِنْ أُصُولِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ قَتِيلٍ فَخُصَّ مِنْهُ صُورَتَانِ بِالنَّصِّ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا و(لَا) يُقْتَلُ (أَحَدُهُمْ) أَيْ الْأَبُ وَالَأْمُ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَوْا (مِنْ نَسَبٍ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَا لِحَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ} رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ عَنْ الْإِسْنَادِ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا وَلِأَنَّهُ سَبَبُ إيجَادِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّطَ بِسَبَبِهِ عَلَى إعْدَامِهِ. (وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْقَاتِلُ) لَهُ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَإِنْ عَلَوْا (كَافِرٌ وَقِنٌّ) لِانْتِفَاءِ الْقِصَاصِ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ (وَيُؤْخَذُ حُرٌّ) مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ قَتَلَ وَلَدَهُ وَإِنْ سَفَلَ (بِالدِّيَةِ) كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِهِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ. انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ دِيَةَ ابْنِهِ. (وَمَتَى وَرِثَ قَاتِلٌ) بَعْضَ دَمِهِ بِوُجُودِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ (أَوْ) وَرِثَ (وَلَدُهُ) أَيْ الْقَاتِلُ (بَعْضَ دَمِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ (فَلَا قَوَدَ) عَلَى قَاتِلٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا لِوَلَدِهِ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَتَلَ) شَخْصٌ (زَوْجَتَهُ فَوَرِثَهَا وَلَدُهُمَا) أَيْ وَلَدُهُمَا مِنْهُ سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فَلِئَلَّا يَجِبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَارِثٌ سِوَاهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. (أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ (فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ (فَوَرِثَهَا الْقَاتِلُ) أَيْ وَرِثَ مِنْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ (أَوْ) وَرِثَهَا (وَلَدُهُ سَقَطَ) الْقِصَاصُ لِمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ أَخَا زَوْجِهَا فَوَرِثَهُ زَوْجُهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا فَوَرِثَتْهُ هِيَ أَوْ وَلَدُهَا (وَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ) فَوَرِثَهُ أَخَوَاهُ (أَوْ) قَتَلَ (أَخَاهُ فَوَرِثَهُ أَخَوَاهُ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَخَوَيْنِ (صَاحِبَهُ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ) الْقَاتِلِ. (الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ) وَلَوْ قَتَلَ أَخَاهُ فَوَرِثَهُ ابْنُ الْقَاتِلِ أَوْ غَيْرُهُ ثُمَّ وَرِثَ مِنْهُ ابْنُ الْقَاتِلِ شَيْئًا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ وَهُوَ زَوْجٌ لِأُمِّهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (ثُمَّ قَتَلَ) الِابْنُ (الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى) الِابْنِ (قَاتِلِ أَبِيهِ لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ) فَقَدْ وَرِثَ بَعْضَ دَمِهِ (وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ) أَيْ أَبِيهِ (لِأَخِيهِ) قَاتِلِ أُمِّهِ (وَلَهُ) أَيْ قَاتِلِ الْأَبِ (قَتْلُهُ) أَيْ أَخِيهِ بِأُمِّهِ (وَيَرِثُهُ) حَيْثُ لَا حَاجِبَ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِحَقٍّ فَلَا يُمْنَعُ الْمِيرَاثَ، وَإِنْ. عَفَا عَنْهُ إلَى الدِّيَةِ تَقَاصَّا بِمَا بَيْنَهُمَا وَمَا فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا أَخَذَهُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَاتِلَيْنِ (مَعَ عَدَمِ زَوْجِيَّةِ) أَبِيهِمَا لِأُمِّهِمَا (الْقَوَدُ)؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَرِثَ قَتِيلَ أَخِيهِ وَحْدَهُ فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ بِالْقَتْلِ اُحْتُمِلَ أَنْ يُبْدَأَ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ أَوْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ أَخَاهُ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِإِرْثِهِ أَخَاهُ لِقَتْلِهِ بِحَقٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ وَارِثٌ فَيَحْجُبَ الْقَاتِلَ وَلَهُ قَتْلُ عَمِّهِ وَيَرِثُهُ حَيْثُ لَا حَاجِبَ لَهُ. (وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُعْرَفُ) بِإِسْلَامٍ وَلَا حُرِّيَّةٍ (أَوْ) قَتَلَ (مَلْفُوفًا) لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ وَلَا حَيَاتَهُ (وَادَّعَى) قَاتِلُهُ (كُفْرَهُ) أَيْ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّهُ) وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ فَالْقَوَدُ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ طَارِئٌ (أَوْ ادَّعَى) قَاتِلُ مَلْفُوفٍ (مَوْتَهُ) أَيْ الْمَلْفُوفِ (وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ. (أَوْ) قَتَلَ (شَخْصًا فِي دَارٍ) أَيْ الْقَاتِلُ (وَادَّعَى) الْقَاتِلُ (أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَقَالَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطِ بِرُمَّتِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَذَّى إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ فَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ. الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا تَقُولُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إنِّي ضَرَبْتُ فَخِذَيْ امْرَأَتِي فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْتُهُ فَقَالَ عُمَرُ مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ " رَوَاهُ سَعِيدٌ. (أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَوَدُ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بِشَرْطِهِ (أَوْ الدِّيَةُ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ قَوَدٌ أَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ (وَيُصَدَّقُ مُنْكِرٌ) مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ (وَمَتَى صَدَّقَ الْوَلِيُّ) دَعْوَى شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ لِاعْتِرَافِ الْخَصْمِ بِمَا يَهْدِرُ دَمَ الْقَتِيلِ. (وَإِنْ اجْتَمَعَ قَوْمٌ بِمَحَلٍّ فَقَتَلَ) بَعْضٌ بَعْضًا (أَوْ جَرَحَ بَعْضٌ مِنْهُمْ) بَعْضًا (وَجُهِلَ الْحَالُ) أَيْ حَالُ الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةُ الْقَتْلَى) مِنْهُمْ (يَسْقُطُ مِنْهَا) أَيْ الدِّيَةِ (أَرْشَ الْجِرَاحِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِرِوَايَتِهِ بِإِسْنَادِهِ إلَى الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ مُورِثَهُ فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ فَصَدَقَ زَيْدٌ) بِأَنَّ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ (أَخَذَ) زَيْدٌ (بِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَقَالَ: قُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ إنَّمَا هَذَا بِالظَّنِّ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ يُؤْخَذُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ.
وَهُوَ أَيْ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (فِعْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ) فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (أَوْ) فِعْلُ (وَلِيِّهِ) إنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ (بِجَانٍ مِثْلَ فِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي (أَوْ شِبْهِهِ) أَيْ فِعْلِ الْجَانِي وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَشُرُوطُهُ) أَيْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ مُسْتَحِقِّهِ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِيفَاءِ وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ لِمَا يَأْتِي (وَمَعَ صِغَرِهِ) أَيْ مُسْتَحَقِّهِ (أَوْ جُنُونِهِ يُحْبَسُ جَانٍ لِبُلُوغِ) صَغِيرٍ يَسْتَحِقُّهُ (أَوْ) إلَى (إفَاقَةِ) مَجْنُونٍ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ حَبَسَ هُدْبَةَ بْنَ خَشْرَمِ بْنِ حُبَيْشٍ فِي قِصَاصٍ حَتَّى بَلَغَ ابْنُ الْقَتِيلِ وَكَانَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ وَبَذَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِ الْمَقْتُولِ سَبْعَ دِيَاتٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَلِأَنَّ فِي تَخْلِيَتِهِ تَضْيِيعًا لِلْحَقِّ إذْ لَا يُؤْمَنُ هَرَبُهُ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ بِالدَّيْنِ فَلَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ هُنَا وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِقُصُورِ الْمُسْتَوْفِي وَأَيْضًا الْمُعْسِرُ إذَا حُبِسَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَحَبْسُهُ يَضُرُّ بِالْجَانِبَيْنِ وَهُنَا الْحَقُّ هُوَ نَفْسُهُ فَيَفُوتُ بِالتَّخْلِيَةِ (وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (لَهُمَا) أَيْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (أَبٌ كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ) إذْ لَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَائِهِمْ التَّشَفِّي لِلْمُسْتَحَقِّ لَهُ فَتَفُوتُ حِكْمَةُ الْقِصَاصِ. (فَإِذَا احْتَاجَا) أَيْ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (لِنَفَقَةٍ فَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ لَا) وَلِيِّ (صَغِيرٍ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا حَدَّ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ عَادَةً بِخِلَافِ الصِّغَرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ لِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى حَالٍ (وَإِنْ قَتَلَا) أَيْ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (قَاتِلَ مُورِثِهِمَا أَوْ. قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا) أَيْ بِلَا إذْنِ جَانٍ (سَقَطَ حَقُّهُمَا) لِاسْتِيفَائِهِمَا مَا وَجَبَ لَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ لَهُمَا فَأَخَذَاهُ مِنْهُ قَهْرًا فَأَتْلَفَاهُ و(كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دَيْنَهُ) كَالْعَبْدِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُمَا وَجْهًا وَاحِدًا لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دَيْنِهِ عَلَى أَحَدٍ. الشَّرْطُ (الثَّانِي اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (عَلَى اسْتِيفَائِهِ) فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ بِدُونِ إذْنِ. الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الدَّيْنَ (وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ) وَارِثٍ (غَائِبٍ وَبُلُوغُ) وَارِثٍ (صَغِيرٍ وَإِفَاقَةُ) وَارِثٍ مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْقِصَاصِ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ بَدَلَيْ النَّفْسِ (فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُهُمْ كَدِيَةٍ) أَيْ لَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِالدِّيَةِ لَوْ وَجَبَتْ. (وَ) كَ (قِنٍّ مُشْتَرَكٍ) قُتِلَ فَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ لَهُ (بِخِلَافِ) قَتْلٍ (فِي مُحَارَبَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ (لِتَحَتُّمِهِ) أَيْ تَحَتُّمِ قَتْلٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَ) بِخِلَافِ (حَدِّ قَذْفٍ) فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَيْثُ يُورَثُ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ إذَا طَلَبَهُ (كَامِلًا) وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَوْفِي الْإِمَامُ الْقِصَاصَ فِيهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ وَإِنَّمَا قُتِلَ الْحَسَنُ ابْنُ مُلْجِمٍ كُفْرًا؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرٌ وَقِيلَ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرْ قُدُومَ مَنْ غَابَ مِنْ الْوَرَثَةِ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ وَرَثَةِ مَقْتُولٍ (فَوَارِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَهُوَ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَانْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ. وَمَتَى انْفَرَدَ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (مَنْ مُنِعَ) مِنْ الِانْفِرَادِ بِهِ (عُزِّرَ فَقَطْ) لِافْتِيَاتِهِ بِالِانْفِرَادِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَمُنِعَ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ لِعَدَمِ التَّجَزِّي فَإِذَا اسْتَوْفَى وَقَعَ نَصِيبُهُ قِصَاصًا وَبَقِيَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى بَعْضِ النَّفْسِ فَيَتَعَذَّرُ فِيهِ الْقِصَاصُ (وَلِشَرِيكِ) مُقْتَصٍّ (فِي تَرِكَةِ جَانٍ حَقُّهُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَقْتَصّ (مِنْ. الدِّيَةِ) بِقِسْطِهِ مِنْهَا (وَيَرْجِعُ وَارِثُ جَانٍ عَلَى مُقْتَصٍّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ) فَلَوْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا لَهُ ابْنَانِ فَقَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَلِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ دِيَةِ أَبِيهِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهَا عَلَى مَنْ اقْتَصَّ مِنْهَا بِنِصْفِ دِيَتِهَا (وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ مُسْتَحِقِّي الْقِصَاصِ (وَلَوْ) كَانَ الْعَافِي (زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الْقِصَاصِ (وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ) أَمَّا السُّقُوطُ بِعَفْوِ الْبَعْضِ فَلِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ. وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ} " بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " {مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي وَمَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلَّا مَعِي} " يُرِيدُ عَائِشَةَ وَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ " أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا فَجَاءَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ أُخْتُ الْقَاتِلِ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ حَقِّي فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ قَدْ عَتَقَ الْقَتِيلُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ فَلِإِقْرَارِهِ بِسُقُوطِ نَصِيبِهِ وَإِذَا أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ سَرَى إلَى الْبَاقِي كَالْعِتْقِ (وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى جَانٍ) سَوَاءٌ عَفَا شَرِيكُهُ مُطْلَقًا أَوْ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَمَّا فَاتَهُ مِنْ الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِهِ (ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ عَافٍ قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ) أَيْ الْعَفْوِ (أَوْ جَوَازَهُ) أَيْ الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى مَالٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ وَلِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا مُكَافِئًا (وَكَذَا شَرِيكٌ) عَافٍ (عَالِمٌ بِالْعَفْوِ) أَيْ عَفْوِ شَرِيكِهِ (وَ) عَلِمَ بِ (سُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ) أَيْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ حُكِمَ بِالْعَفْوِ أَوْ لَا لِقَتْلِهِ مَعْصُومًا عَالِمَا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ لَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ إذْ لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ قَتَلْنَاهُ بِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي قَتْلِهِ (وَإِلَّا) يَعْلَمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ بِأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِمَا فَلَا قِصَاصَ لِاعْتِقَادِهِ ثُبُوتَ حَقِّهِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ و(أَدَّاهُ) أَيْ أَدَّى دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ. (وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ) لِلْمَقْتُولِ مِنْ (الْقَوَدِ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْ الْمَالِ) أَيْ مَالِ الْمَقْتُولِ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ وَذِي الرَّحِمِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْثِ فَوَجَبَ لَهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْمَالِ (وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَوَدِ مِنْ مُورِثِهِ) أَيْ الْمَنْقُولِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِ الْمَقْتُولِ كَالدِّيَةِ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) مِنْ الْقَتْلَى (فَالْإِمَامُ وَلِيُّهُ) فِي الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ إلَى مَالٍ) أَوْ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ فَيَفْعَلَ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْلِمِينَ و(لَا) يَعْفُو (مَجَّانًا) وَلَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ أَنْ يُؤْمَنَ فِي اسْتِيفَاءِ) قَوَدِ (تَعَدِّيهِ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ (إلَى غَيْرِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا) لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ (أَوْ) لَزِمَ الْقَوَدُ (حَائِلًا فَحَمَلَتْ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ) حَمْلَهَا؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا إسْرَافٌ لِتَعَدِّيهِ إلَى حَمْلِهَا. (وَ) حَتَّى (تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ)؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ يَضُرُّ الْوَلَدَ وَفِي الْغَالِبِ لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا " {إذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ عَمْدًا لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَحَتَّى تَكْفُلَ وَلَدَهَا، وَإِنْ زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَحَتَّى تَكْفُلَ وَلَدَهَا} " وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْغَامِدِيَّةِ " {ارْجِعِي حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ ثُمَّ قَالَ لَهَا ارْجِعِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ} " (ثُمَّ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ) أَيْ وَلَدَهَا بَعْدَ سَقْيِهَا لَهُ اللِّبَأَ أُعْطِيَ لِمَنْ يُرْضِعُهُ وَأُقِيدَ مِنْهَا لِقِيَامِ غَيْرِهَا مَقَامَهَا فِي إرْضَاعِهِ وَتَرْبِيَتِهِ فَلَا عُذْرَ. وَفِي الْإِقْنَاعِ إنْ وَجَدَ مُرْضِعَاتٍ غَيْرَ رَوَاتِبَ أَوْ شَاةً يُسْقَى مِنْ لَبَنِهَا جَازَ قَتْلُهَا وَيُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ تَأْخِيرُهُ إلَى الْفِطَامِ. (وَإِلَّا) يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ (فَ) لَا يُقَادُ مِنْهَا (حَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَيْنِ) كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ إذَا أُخِّرَ الِاسْتِيفَاءُ لِحِفْظِهِ وَهُوَ حَمْلٌ فَلَأَنْ يُؤَخَّرَ لِحِفْظِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ أَوْلَى (وَكَذَا حَدٌّ بِرَجْمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتُقَادُ) حَامِلٌ (فِي طُرُقٍ) بِمُجَرَّدِ وَضْعٍ (وَتُحَدُّ) حَامِلٌ (بِجَلْدٍ) لِقَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (بِمُجَرَّدِ وَضْعِ) حَمْلٍ فِي الْمُغْنِي وَسَقْيِ اللِّبَإِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَيَفْرُغَ نِفَاسُهَا (وَمَتَى ادَّعَتْهُ) أَيْ الْحَمْلَ امْرَأَةٌ وَجَبَ. عَلَيْهَا قَوَدٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ حَدٌّ بِرَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ (وَأَمْكَنَ) بِأَنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ تَحْمِلَ فِيهِ. قُلْتُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ (قُبِلَ) قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا خُصُوصًا فِي ابْتِدَاءِ الْحَمْلِ، وَلَا يُؤْمَنُ الْخَطَرُ بِتَكْذِيبِهَا (وَحُبِسَتْ لِقَوَدٍ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّ مَقْتُولٍ) لِجَوَازِ أَنْ تَهْرَبَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهَا (بِخِلَافِ حَبْسٍ فِي مَالِ غَائِبٍ) وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَ(لَا) تُحْبَسُ (لِحَدٍّ) بَلْ تُتْرَكُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِآدَمِيٍّ يُخْشَى فَوَاتُهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ الْقَذْفِ فَيُتَوَجَّهُ حَبْسُهَا كَحَبْسِهَا لِلْقَوَدِ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا) فِي الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ (وَمَنْ اقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ فَأَجْهَضَتْ جَنِينَهَا (ضَمِنَ) الْمُقْتَصُّ (جَنِينَهَا) بِالْغُرَّةِ إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ، وَبِدِيَتِهِ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا لِوَقْتِ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ. وَبَقِيَ ذَبِلًا خَاضِعًا زَمَنًا يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ سَوَاءٌ عَلِمَ الْحَمْلَ مَعَ السُّلْطَانِ أَوْ عَلِمَهُ دُونَهُ لِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ مِنْ أُمِّهِ حَالَةَ الْحَمْلِ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا.
وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ وَيَحْرُمُ الْحَيْفُ فِيهِ، وَلَا يُؤْمَنُ مَعَ قَصْدِ الْمُقْتَصِّ التَّشَفِّي بِالْقِصَاصِ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَعْزِيرُ مُخَالِفٍ) اقْتَصَّ بِغَيْرِ حُضُورِهِ لِافْتِيَاتِهِ بِفِعْلِ مَا مُنِعَ مِنْهُ (وَيَقَعُ) فِعْلُهُ (الْمَوْقِعَ)؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَفَقُّدُ آلَةِ اسْتِيفَاءِ) قَوَدٍ (لِيَمْنَعَ مِنْهُ) أَيْ الْقَوَدِ (بِ) آلَةٍ (كَالَّةٍ) لِحَدِيثِ " {إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ} " وَالِاسْتِيفَاءُ بِالْكَالَّةِ تَعْذِيبٌ لِلْمَقْتُولِ (وَيَنْظُرُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (فِي الْوَلِيِّ) لِلْقَوَدِ (فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ) الْقِصَاصِ (وَيُحْسِنُهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} لِحَدِيثِ " {مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ} " وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَيُخَيَّرُ) وَلِيٌّ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ (بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ) الِاسْتِيفَاءَ (وَلَوْ فِي طَرَفٍ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ (وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَسْتَوْفِيهِ لَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَإِلَّا) يُحْسِنْ الْوَلِيُّ الِاسْتِيفَاءَ بِنَفْسِهِ (أُمِرَ) أَيْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (أَنْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَسْتَوْفِيهِ لَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُحْسِنُ اسْتِيفَاءَهُ. وَإِنْ ادَّعَى وَلِيٌّ أَنَّهُ يُحْسِنُهُ فَمُكِّنَ مِنْهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَ الْعُنُقِ وَأَقَرَّ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ عُزِّرَ. وَمُنِعَ إنْ أَرَادَ الْقَوَدَ وَإِنْ قَالَ أَخْطَأْتُ وَالضَّرْبَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ الْعُنُقِ قُبِلَ قَوْلُهُ لِجَوَازِهِ، وَإِنْ بَعُدَتْ مِنْهُ بِأَنْ نَزَلَتْ عَنْ الْمَنْكِبِ رُدَّ قَوْلُهُ: وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ (وَإِنْ احْتَاجَ) الْوَكِيلُ (لِأُجْرَةٍ) هِيَ (فَمِنْ مَالِ جَانٍ) كَأُجْرَةِ. اسْتِيفَاءِ (حَدٍّ)؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ أَشْبَهَ أُجْرَةَ كَيْلِ مَكِيلٍ بَاعَهُ. (وَمَنْ لَهُ وَلِيَّيْنٍ) أَيْ وَارِثَانِ (فَأَكْثَرَ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ (وَأَرَادَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُبَاشَرَتَهُ) أَيْ الْقَوَدِ بِنَفْسِهِ (قُدِّمَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (بِقُرْعَةٍ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَقِّ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ غَيْرِهَا (وَوَكَّلَهُ مَنْ بَقِيَ) مِنْ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَوْكِيلِ أَحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ مُنِعُوا مِنْهُ حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ. (وَيَجُوزُ اقْتِصَاصُ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ بِرِضَا وَلِيٍّ) جِنَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْوَلِيِّ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ و(لَا) يَجُوزُ لِوَلِيِّ أَمْرٍ أَنْ يَأْذَنَ لِسَارِقٍ فِي (قَطْعِ) يَدِ (نَفْسِهِ) أَوْ رِجْلِهِ (فِي سَرِقَةٍ) لِفَوَاتِ الرَّدْعِ بِقَطْعِ غَيْرِهِ (وَيَسْقُطُ) الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ إنْ قَطَعَ السَّارِقُ نَفْسَهُ لِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ (بِخِلَافِ حَدِّ) جَلْدٍ فِي (زِنًا أَوْ قَذْفٍ بِإِذْنِ) حَاكِمٍ فِي جِلْدِ الزِّنَا وَمَقْذُوفٍ فِي حَدِّ قَذْفٍ فَلَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ لِعَدَمِ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْقَصْدَ قَطْعُ الْعُضْوِ وَقَدْ وُجِدَ (وَلَهُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْخَتْنَ (خَتْنَ نَفْسِهِ إنْ قَوِيَ) عَلَيْهِ (وَأَحْسَنَهُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَلِفِعْلِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَيَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى) قَوَدٌ (فِي نَفْسٍ إلَّا بِسَيْفٍ) فِي عُنُقٍ لِحَدِيثِ " {لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ} " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِحَدِيثِ " {إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ} " وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَوَدِ إتْلَافُ جُمْلَتِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ بِإِتْلَافِ أَطْرَافِهِ كَقَتْلِهِ بِسَيْفٍ كَالٍّ و(كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِ) فِعْلٍ (مُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ كَلِوَاطٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ) وَكَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ الْجَانِي يَضْرِبُ الْمَقْتُولَ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ (وَ) يَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى قَوَدٌ (فِي طَرَفٍ إلَّا بِسِكِّينٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ آلَةٍ صَغِيرَةٍ (لِئَلَّا يَحِيفَ) فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ شَخْصٍ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ دَخَلَ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ وَكَفَى قَتْلُهُ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ. وإنْ كَانَ بَعْدَ بُرْئِهِ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ وَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ مَا قَتَلَهُ وَقَطَعَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بُرْئِهِ فَقَوْلُ مُنْكِرٍ إنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا وَإِلَّا فَقَوْلُ وَلِيٍّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَقَوْلُ جَانٍ بِيَمِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ وَلِيٍّ إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مُثَبِّتَةٌ لِلْبُرْءِ (وَمَنْ فَعَلَ بِهِ) أَيْ بِجَانٍ (وَلِيُّ جِنَايَةٍ كَفِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي بِالْمَقْتُولِ (يَضْمَنُهُ) الْوَلِيُّ بِشَيْءٍ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي اسْتِيفَاءٍ فَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا كَقَتْلِهِ بِآلَةٍ كَالَّةٍ. (فَلَوْ عَفَا) الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ (وَقَدْ قَطَعَ) مِنْ جَانٍ (مَا فِيهِ دُونَ دِيَةٍ) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (فَلَهُ) أَيْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْجَانِي (تَمَامُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَطَعَهُ الْوَلِيُّ مِنْ الْجَانِي (دِيَةٌ) كَامِلَةٌ كَمَا لَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ أَوْ أَنْفَهُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَكْثَرُ) مِنْ. دِيَةٍ كَقَطْعِ أَرْبَعَتِهِ وَقَدْ فُعِلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِيمَا زَادَ عَلَى الدِّيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ زَادَ) وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ جَانٍ بِأَنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ وَقَتَلَهُ فَقَطَعَ يَدَيْهِ وَقَتَلَهُ (أَوْ تَعَدَّى) الْوَلِيُّ (بِقَطْعِ طَرَفِهِ) أَيْ الْجَانِي وَلَمْ يَكُنْ قَطَعَ طَرَفًا (فَلَا قَوَدَ) عَلَى وَلِيٍّ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ قَتْلَهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَهُ شُبْهَةٌ فِي إسْقَاطِ الْقَوَدِ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ زَادَ فِي اسْتِيفَاءِ شَجَّةٍ أَوْ جَرْحٍ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا مِنْ جَانٍ كَاضْطِرَابِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى مُقْتَصٍّ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَوْلُهُ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ مَا زَادَ وَتَعَدَّى فِيهِ الْوَلِيُّ (بِدِيَتِهِ) سَوَاءٌ (عَفَا) الْوَلِيُّ (عَنْهُ) أَيْ الْجَانِي بَعْدُ (أَوْ لَا) لِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمَّا انْتَفَى الْقَوَدُ لِدَرْءِ الشُّبْهَةِ لَهُ وَجَبَ الْمَالُ لِئَلَّا تَذْهَبَ جِنَايَتُهُ مَجَّانًا (وَإِنْ كَانَ) الْجَانِي (قَطَعَ يَدَهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (فَقَطَعَ) الْوَلِيُّ (رِجْلَهُ) أَيْ الْجَانِي (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (دِيَةُ رِجْلِهِ) أَيْ الْجَانِي لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يَكُنْ) اسْتَوْفَى (وَدَاوَاهُ) أَيْ الْجَانِي (أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ) أَيْ الَّذِي فَعَلَهُ بِهِ (وَقَتَلَهُ وَإِلَّا) يَدْفَعْ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ (تَرَكَهُ) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ هَذَا رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.
وَمَنْ قَتَلَ عَدَدًا أَوْ قَطَعَ عَدَدًا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ وَقْتٍ (فَرَضِيَ أَوْلِيَاءُ كُلٍّ) مِنْ الْقَتْلَى (بِقَتْلِهِ أَوْ) رَضِيَ (الْمَقْطُوعُونَ بِقَطْعِهِ) فَاقْتُصَّ مِنْهُ مَا رَضَوْا بِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (اُكْتُفِيَ بِهِ) لِجَمِيعِهِمْ لِتَعَذُّرِ تَوْزِيعِ الْجَانِي عَلَى الْجِنَايَاتِ (وَإِنْ طَلَبَ وَلِيُّ كُلٍّ) مِنْ الْقَتْلَى أَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْ الْمَقْطُوعِينَ (قَتْلَهُ) أَوْ قَطْعَهُ (عَلَى الْكَمَالِ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوَدُ لَهُ وَحْدَهُ (وَجِنَايَتُهُ) عَلَى الْجَمِيعِ (فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَيُقَادُ لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لِتَسَاوِيهِمْ فِي حَقٍّ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهُ عَلَيْهِمْ فَيَتَعَيَّنُ لِلْمُسْتَحِقِّ بِقُرْعَةٍ (وَإِلَّا) تَكُنْ جِنَايَتُهُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي وَقْتٍ (أُقِيدَ لِ) لْمَجْنِيّ عَلَيْهِ (الْأَوَّلِ) لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِهِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ فَإِنْ كَانَ وَلِيُّهُ غَائِبًا وَنَحْوَهُ اُنْتُظِرَ. (وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ) كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقَادَ مِنْهُ (وَكَمَا لَوْ بَادَرَ غَيْرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ) أَوْ غَيْرُ الْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ (وَاقْتَصَّ) فَيَقَعُ فِيهِ مَوْقِعَهُ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ (وَإِنْ رَضِيَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ الدِّيَةَ أُعْطِيهَا)؛ لِأَنَّ الْخِيرَةَ إلَيْهِ (وَقُتِلَ) الْجَانِي أَوْ قُطِعَ (لِثَانٍ وَهَلُمَّ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ (جَرًّا) بِالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ فَإِنْ رَضِيَ وَلِيٌّ ثَانٍ أَيْضًا بِالدِّيَةِ أُعْطِيهَا وَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ الثَّالِثُ وَهَكَذَا وَإِنْ قَتَلَهُمْ مُتَفَرِّقًا وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى كُلٌّ الْأَوَّلِيَّةِ وَلَا بَيِّنَةَ فَأَقَرَّ الْقَاتِلُ لِأَحَدِهِمْ قُدِّمَ وَإِلَّا أُقْرِعَ. (وَإِنْ قَتَلَ) جَانٍ (شَخْصًا وَقَطَعَ طَرَفَ آخَرَ) كَيَدِهِ (قُطِعَ) لِقَطْعِ الطَّرَفِ (ثُمَّ قُتِلَ) بِمَنْ قَتَلَهُ (بَعْدَ انْدِمَالٍ) تَقَدَّمَ الْقَتْلُ أَوْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصَيْنِ فَلَمْ يَتَدَاخَلَا كَقَطْعِ يَدَيْ رَجُلَيْنِ. وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِ الْمَقْطُوعِ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُمَا فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُسْتَوْفِي لِلْقَتْلِ قُتِلَ بِاَلَّذِي قَتَلَهُ لِسَبْقِ وُجُوبِ الْقَتْلِ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِاَلَّذِي قَطَعَهُ إنَّمَا وَجَبَ عِنْدَ السِّرَايَةِ، وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْقَتْلِ. (وَلَوْ قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ وَ) قَطَعَ (إصْبَعَ عَمْرٍو مِنْ يَدٍ نَظِيرَتِهَا) أَيْ نَظِيرَةِ يَدِ زَيْدٍ الَّتِي قَطَعَهَا. (وَ) قَطْعُ يَدِ (زَيْدٍ أَسْبَقُ) مِنْ قَطْعِ إصْبَعِ عَمْرٍو (قُدِّمَ) زَيْدٌ فَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي لَهُ (وَلِعَمْرٍو دِيَةُ إصْبَعِهِ) لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ (وَمَعَ سَبْقِ) قَطْعِ إصْبَعِ (عَمْرٍو يُقَادُ لِإِصْبَعِهِ) أَيْ عَمْرٌو لِسَبْقِهِ (ثُمَّ) يُقَادُ (لِيَدِ زَيْدٍ بِلَا أَرْشٍ) لِئَلَّا يَجْمَعَ فِي عَفْوٍ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَالنَّفْسِ.
|